• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / أدبنا / دراسات ومقالات نقدية وحوارات أدبية


علامة باركود

أسرار الاستعارة عند "الرماني" ت 386 هـ

أسرار الاستعارة عند الرماني ت 386 هـ
د. شيماء توفيق


تاريخ الإضافة: 11/6/2024 ميلادي - 4/12/1445 هجري

الزيارات: 1598

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أسرار الاستعارة عند "الرماني" (ت: 386هـ)

 

مقدمة المقال:

الرماني رحمه الله تعالى عالم لغويٌّ موسوعيٌّ، برع في الأدب وعلوم اللغة والنحو، وشغفته علوم المنطق والفلسفة والنجوم، ولكنه لم يُقْحِمْ هذه العلوم على دراسته لوجوه إعجاز القرآن الكريم وبيان بلاغته، ولم يغلِبْ على أسلوبه جفافُ المنطق، أو الطابع الكلامي، ولكنه أعْمَلَ عقله، وشاهد بنور بصيرته، فتفنَّن في بيان النُّكت، فتارة يسلك طريق التصريح، فيُحيل على العلم الضروري (المستفاد بالحواس)، وتارة يسلك مسلك الاستدلال، والقياس، والتمثيل؛ ليُشرِك المخاطب معه في تذوُّقِ العِلَلِ.

 

الرماني رحمه الله تعالى عالم لغويٌّ موسوعيٌّ، برع في الأدب وعلوم اللغة والنحو، وشغفته علوم المنطق والفلسفة والنجوم، ولكنه لم يُقْحِمْ هذه العلوم على دراسته لوجوه إعجاز القرآن الكريم وبيان بلاغته، ولم يغلِبْ على أسلوبه جفافُ المنطق، أو الطابع الكلامي، ولكنه أعْمَلَ عقله، وشاهد بنور بصيرته، فتفنَّن في بيان النُّكت، فتارة يسلك طريق التصريح، فيُحيل على العلم الضروري (المستفاد بالحواس)، وتارة يسلك مسلك الاستدلال، والقياس، والتمثيل؛ ليُشرِك المخاطب معه في تذوُّقِ العِلَلِ، ويمنعه الشك والارتياب، ويضبط حركة العقل في التعامل مع بيان الذكر الحكيم، أسلوبه مكتنز، موجز إيجازَ قصرٍ، ركز هدفه على "بيان النكت"، و"النكت": تأثير يسير في الشيء، وتفكير، وتحديث النفس، والإشارة في العلم[1]؛ أي: بيان الأثر التي تحدثه البلاغة في قلب السامع، فالغرض إفهام مع إمتاع وجمال، "إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ"[2]؛ أي: حدوث تكامل وتآلف بين الشكل والمضمون، فالجمال في التحقُّق الكامل للشكل واكتماله في ذاته، ويُستنْبَطُ من تعريفه هذا للبلاغة أنها غير قاصرة على دراسة المعاني الجميلة الحسنة فقط، بل تتجاوزها إلى التعبير المتقن عن القبح، وهو ما تداولته كتب الأدب تحت مسمى "تحسين القبيح"، فالإجادة في تصوير القبح والتعبير عنه جمال، ولما كان بحثه في مجال سامٍ (إعجاز القرآن)، لم يتعرض لذلك.

 

جعل الرماني الاستعارةَ القسمَ الثالث من أقسام بلاغة الكلام التي يُعرَف بها إعجاز القرآن الكريم، فابتدأ بتعريفها، ثم انتقل إلى بيان بلاغتها في خمسة وأربعين شاهدًا من آيات القرآن الكريم، ولم يتعرض لتقسيم أنواع الاستعارة أو حصر فروعها، ولكنه ركَّز على بيان سر بلاغتها وأثرها في آيات الذكر الحكيم بما ينُمُّ عن استيعاب - لا يمكن القول بشموليته؛ لسمو كلام الله تعالى عن الإحاطة بعلمه - وفهم دقيق، وتمثُّل للآي في ذهنه، فمسحها مسحًا كليًّا، واختار منها ما تجلَّت فيها رؤيته، ولم يكترث بتبويب أو تقسيم، فالغرض الأساس هو بيان النكت، وأثرها النفسي في تغذية الشعور، وإدهاش العقل، وتذوقها تذوقًا جماليًّا مطلقًا عن القواعد والقوانين.

 

ابتدأ فعرَّف الاستعارة تعريفًا يُعلِّم ويرشد إلى سلوك طريقها، ومعرفة حقيقتها، شافعًا بذكر فائدتها وهي (الإبانة)؛ كيلا يظن أن التعليق والنقل ترفٌ لغويٌّ، وتلاعب بالألفاظ، وتحايل على المتلقي؛ يقول: "الاستعارة: تعليق العبارة على غير ما وُضِعت له في أصل اللغة على جهة النقل للإبانة"[3]، والتعليق: نوط الشيء بالشيء العالي[4]؛ لوجود شيء يتعلق به أحدهما على الآخر (جامع)، وتحويل للفظ عن وضعه إلى موضع آخر، والأصل اللغوي لـ"تعليق" يفصح عن الجمالية، والرقي، والسمو، والرفعة، والتفضيل، والصون، والاهتمام، والاكتشاف، والاختيار، وإعادة ترتيب، لغرض وفائدة هي "الإبانة"؛ أي: إظهار القصد وإيضاحه بأبلغ لفظ.

 

نصَّ الرماني على كون الاستعارة أبلغَ من الحقيقة، فلا يُصار إليها إلا إذا اقتضى المقام بيانًا عجزت عنه الحقيقة، وتمثَّلت هذه البلاغة في ثلاثة أمور:

أولها: إخراج ما لا تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه حاسة، ثانيها: المبالغة، ثالثها: البيان بالدليل والقياس، وقد أخذ من جاء بعده تعبيره هذا (إخراج ما لا تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه حاسة)، وتأثروا به، وإن لم يشيروا إليه[5]، ولينظر في قوله هذا، فما فائدته؟ ولِمَ خصصه بالذكر دون العكس (إخراج ما تقع عليه الحاسة إلى ما لا تقع عليه حاسة)؟ شَرَطَ الرماني لصحة نقل اللفظ المستعار وحُسنه - عن أصله اللغوي إلى الاستعارة - حصولَ بيانٍ لا تنوب منابه الحقيقة، والبيان: وصْلٌ وعطاء، وظهور وإيضاح، عبَّر عنه بـ(إيصال) المعنى بيِّنًا ليظهر ويتضح فيُفهَم، فتكون الاستعارة عونًا على درك الحق، ومعرفة الحقيقة، والتمييز بين الأشياء، والعلم بالشيء لا يُستفاد إلا من طريقين: عقل وحسٍّ، والموجودات في أحوالها لا تخرج عن الاتصاف بوصفين: غيب (خفي)، وشهادة (مُحس)، وقد تكررت مادة (ع ق ل) في القرآن الكريم تسعًا وأربعين مرة، اقترن فيها المُحس (السمع) مع العقل سبع مرات، و(النظر) مع العقل ثلاث مرات، والفكر (الغيبي) قد يعترضه المخايل والظنون والأوهام الفاسدة، ما يلتبس معه الحق ويُشكِل، فتَرُوم النفسُ الانتقالَ من الفكر والنظر إلى العلم الضروري (المحس)؛ ليطمئن القلب بيقين المشاهدة: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260]، وتستقر المعاني في النفس، وتندفع الشُّبَهُ عن العقل، فيَقَر الفكر، ويطمئن القلب، وتنزاح عنه الشُّبَه والشكوك، وهذا أصل كبير، وقاعدة مهمة في باب (الاستعارة)، فيُستعان بالصور المحسوسة لِما يدِقُّ ويغْمُضُ من المعاني والأفكار، فلا يمكن نقل الشعور والإحساس بالشيء نقلًا حرفيًّا، فاللغة الحرفية عاجزة عن نقل ما نشعر به إلى الآخرين، ولكن الاستعارة ساعدت في التعبير عن بعض العمليات العقلية الذاتية غير المرئية بإعادة تشكيلها في صور مُحسَّة، فتُبرِز أشياءَ وتُخفي أخرى؛ ولذلك كان الإخراج إلى ما تقع عليه الحاسة أول أسرار بيان الاستعارة وبلاغتها عند الرماني.

 

فذكر أولًا ما يتقرر به المعنى في النفس، ويُتَمثَّل، ثم ترقَّى في ذكر الأسرار البلاغية للاستعارة، فذكر (المبالغة) التي عبَّر عنها في تحليله للآي بمفردات؛ مثل: (المبالغة، بولغ، الشدة، الفظاعة، أعظم، أكبر، التفخيم، الكثرة، أظهر، أعلى، الغلظ، القوة، أقوى، البالغ، أدل)، وبِفَلْيِ الآيات التي ذكرها وُجِدَ أن المبالغة وردت في مقامات التأثير والصدع بالحق، والإنذار، والتخويف، والوعيد، والزجر، ووصف أحوال اليوم الآخر؛ لأن الله تعالى أنْعَمَ على عباده بكفِّ العذاب عنهم في الدنيا؛ كرامةً لسيد الخلق - صلى الله تعالى عليه وسلم تسليمًا كثيرًا - فكان أن خاطبهم بما يعرفون ويألفون، فكلما كان المعنى كبيرًا، والأمر مهيبًا عظيمًا، مالت النفس إلى تمام المعنى وكماله بالمبالغة فيه والتهويل والتفخيم؛ لكونه قويًّا فلا يمكن الاقتصار على الأمر الأوسط أو الأضعف؛ ليَصِلَ مراد المتكلم وانفعاله وحساسيته بالشيء إلى المتلقي، كما شعر به وانفعل، "... دلَّنا بذلك على المبالغة من الجهة التي هي أعرف عندنا... ليقع الزجر بالمبالغة التي هي أعرف عند العامة والخاصة موقع الحكمة"[6]، فالذكر الحكيم يتعامل مع طرائق إدراكنا للمثيرات، وتمثيلها، وفهمها بأسلوب جمالي (الحكمة)، يميل إلى تعليق الذاكرة بالمثير بدلًا من تعليقها بالإدراك الحسي، فهي لم تَذُقْ عذابًا، ولم تَرَ من أهوال القيامة ما يجعلها تتمثل وتجسِّد الانفعالات والصور، فما عند الله تعالى غيبيٌّ لا يتمثل أو يُدرَك كُنْهُه؛ فأبان عنه الذكر الحكيم بالوصف ليقرب إلى أذهان البشرية، ولما كانت مقامات الاستعارة التي ذكرها الرماني مختصة بالوعيد والزجر: ﴿ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ﴾ [الإسراء: 59]، وردت المبالغة لبلوغ أقصى غايات المعنى، وأبعد نهاياته؛ إنباءً عن رحمته تعالى بعباده، فأبان لهم عما لا يعلمون بأوصاف فيها شدة وعتوٌّ وقوة؛ إنذارًا وتخويفًا وردعًا؛ ليمتثلوا ولا يحيدوا عن الصواب.

 

ثالثها: البيان، له ثلاث درجات عند الرماني؛ أوله: بيان إظهار، امتن الله تعالى على عباده بتعليم البيان إعرابًا عن مقاصدهم وأغراضهم، فلا يُبيِّن المتكلم إلا لفائدة، ولا يُنصِت السامع إلا لفائدة أيضًا، فقُصُود النفع غاية؛ ولذلك نُزِّهت الجنة عن اللغو: ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ﴾ [الواقعة: 25]، فنُزَّه أصحابها عن قوله وسماعه، ولا تتحقق الإفادة (الإفهام) إلا إذا كان البيان ظاهرَ الدلالة على القصد، فصلًا لا يشتبه بغيره أو يلتبس به، ولا يحتاج سامعه إلى زيادة تبيان، كاشفًا عن تميُّز الشيء عن غيره في الإدراك، وهو ما عبَّر عنه بيان الرماني عند تحليله للآيات الكريمة بقوله: (أظهر، أظهرنا، البيان، يظهر، أكشف)، وما نص عليه في تعريف الاستعارة بتعليق العبارة، ونقلها عن أصلها للإبانة، هو ما يعادل كونه صدقًا وكشفًا وتمييزًا؛ كما قال جرير[7]:

أَلَا قُلْ لِبَرَّاد إِذَا مَا لَقَيْنَهُ
وبيِّنْ لَهُ إِنَّ ‌البَيَانَ مِنَ الصِّدْقِ

ثانيها: البيان بالاستدلال: وجود جملتين تُوجِبان قبولَ الحكم بالمحكوم، وإذا رُدَّ القبول حصل الجمع بين النقيضين، وهما لا يجتمعان، فجمع بين متضادين في العموم، وفرَّق بينهما في خصوص، مثَّل الرماني للبيان بالاستدلال في إحدى جملتين متضادتين، آثار النعمة فيهما مختلف: ﴿ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ [الإسراء: 12]، فخصَّ إحدى النعمتين بالذكر، ولم يخصَّ الأخرى؛ لظهور ذلك بالمقابلة، فبالمقابلة تحصل النعمة وتتميز، وبدونها لم يحصل هذا التمييز، فالاستعارة في قوله تعالى: (مبصرة)؛ أي: مضيئة، اسم فاعل من (أبصر)؛ أي: جعلت غيرها باصرًا، وهو موقع امتنان على العباد بجعل النهار زمنًا لابتغاء الفضل؛ لوجود الضوء وإبصار الأشياء، "فمبصرة ها هنا استعارة... أدل على موقع النعمة"[8]، فالأشياء تتميز بأضدادها، ويتبين وجه النعمة وعظيم المنة فيها، وبالانتباه إليها يحصل التنبه إلى أضدادها، خاصة أن آيات الله تعالى دليل على عين النعمة، وأتم وأكمل في الاستدلال بها؛ لإحالتها على ما يُحَسُّ، وتقع المشاهدة فيها بملابسة الأفعال ومزاولتها، كما جعل العلم الْمُحَسَّ الضروري دليلًا على المعنى الاستعاري، فلا يُترَك المتيقَّن المشاهد إلى غير المشاهد: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ ﴾ [الأنبياء: 18]، فالقذف لغة: الرمي بقوة والإصابة[9]، والمشاهدة تثبت، والعيان يحقق أن إلقاء شيء على آخر يؤثر فيه، ولا سيما إذا كان الشيء الملقَى به قويًّا، فإنه يشتت اجتماع الملقى عليه ويُبدِّده ويفرِّقه، وقد نظر الرماني إلى جهة أخرى؛ وهي القسر والغلبة؛ "لأن في القذف دليلًا على القهر"[10]، وهو مما يُدرَك بالعقل، وليس كمعلوم الضرورة، فأُحِيل إلى ما يُدرَك من طريق ‌المشاهدة والحس، فاستعار الْمُحَسَّ للمعقول استدلالًا واحتجاجًا بالعلم الضروري المحسِّ (المشاهدة)، ولم يَحْتَجْ مع ‌المشاهدة إلى برهان أو دليل، فبالإبصار تطمئن النفس وتسكن، وتتصل الحاسة بالفكر؛ ليجتمع إدراك الصورة والصفة في الوهم والتقدير، وفي المشاهدة والعيان، أو ترتدع وتنزجر كما في مقام القذف والدمغ والجحد، ولما كان كلامه تعالى أخبارًا صادقة، وكان المتلقي لها تتأرجح حاله بين التصديق، والشك، والتردد، والإنكار، احتيج البيان إلى إيقاع اليقين والتصديق على جهة الاستدلال والاحتجاج.

 

ثالثها: البيان بالقياس (قياس التمثيل): وهو إلحاق شيء بشيء؛ لمشابهة بينهما، لما كان غرض الاستعارة الإبانة، وكانت الآيات الكونية العلوية مما يَخْفَى معرفةُ دقيق إبداعها مع إدراك مظاهر اختلافها مشاهدة بالبصر، أبانت الاستعارة عن خفِيِّ ذلك؛ في قوله تعالى: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴾ [يس: 37]، علَّل الرمانيُّ سرَّ التعبير بالاستعارة بقوله: "السلخ إخراج الشيء مما لابسه وعسُر انتزاعه منه؛ لالتحامه به، فكذلك قياس الليل"[11]، الآية الكريمة ليست دليلًا على خروج النهار من الليل، ولكنها تمثيل بحال مشاهد بيانًا بالإخراج إلى ما يُدرَك بالأبصار؛ لتقرير ذلك وتأكيده، وإيجابه إيجابًا أشدَّ، والمبالغة فيه حتى جُعِلَ "كالشيء الذي يجب له الثبوت والحصول، وكالأمر الذي نُصِبَ له دليل يقطع بوجوده"[12].

 

وبعدُ، فمن خلال استقراء الشواهد التي حلَّلها الرماني تحليلًا كاشفًا عن النكات التي توارت خلف الإبانة بالاستعارة، يمكن القول: إنه رتب النكات ترتيبًا منطقيًّا في عقله، وتدرَّج في بيانها من البيان بالحاسة إلى المبالغة، فالاستدلال، فالقياس بالتمثيل، والسمت البياني العام في إظهار النكت القرآنية للاستعارة تجلية المعاني العقلية في صور محسة، بعيدة عن تهويمات الخيال، وأوهام الظنون؛ ليضبط حركة الفكر البشري في تدبر المعاني القرآنية وفقهها، وشَرَطَ لصحة حسنها البيانَ الذي يؤثر في المتلقي، فيجعله مُصغيًا للحكمة التي تبوح بها الاستعارات، هذا وقد استعمل بعض مصطلحات المناطقة كـ(الاستدلال والقياس)، إلا أن جفاف المنطق وتقسيماته وتفريعاته المتعددة لم يكن لها وجود؛ اقتضاءً للمقام؛ فهو يتكلم في نكت إعجاز القرآن الكريم دون تطويل بالحِجاجِ، كما أدخل بعض شواهد الكناية والمجاز العقلي في الاستعارة؛ انطلاقًا من كون الاستعارة خروجًا عن الأصل اللغوي وانتقالًا عنه، ويمكن ردُّ هذا إلى أن المصطلحات البلاغية في عصره لم تتقرر بعد.



[1] ينظر: لسان العرب، مادة (ن ك ت).

[2] النكت في إعجاز القرآن، مطبوع ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، علي بن عيسى الرماني، ص75، تح: محمد خلف الله، ود. محمد زغلول سلام، ط5، دار المعارف، 2008م.

[3] السابق نفسه ص85.

[4] ينظر: مقاييس اللغة، مادة (ع ل ق).

[5] مثل: العسكري (ت: 395هــ)، وعبدالقاهر الجرجاني (ت: 471هـ)، والخطيب القزويني (ت: 739هـ).

[6] النكت في إعجاز القرآن، ص88.

[7] ديوان جرير، شرح: محمد بن حبيب، 2 /804.

[8] النكت في إعجاز القرآن، ص88.

[9] لسان العرب، مادة (ق ذ ف).

[10] النكت في إعجاز القرآن، ص89.

[11] السابق نفسه، ص89.

[12] دلائل الإعجاز، ص72.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة